يُكبر البعض منا على جملة يرددها الأب أو الأم أو كليهما معا وهي :" كنت غلطة.. لم يكن بحسباننا إنجابك"، ربما تقال لنا هذه الجملة مزاحا أو مداعبة، لكن لا بد أن يأتي سماعها أيضا عندما نرتكب خطأ ما.
يعتقد البعض أن هذه الكلمات يجب أن لا تؤثر بصاحبها لأنها "من وراء قلب الأبوين" ، لكن التجارب الواقعية تقول إنها من الممكن أن تشكل أزمة حياة لهذا الإنسان؛ لذا يجب أن يتوقف هؤلاء عن التلفظ بهذا الألفاظ الذي تعتبر اعتراضا على قدر الله أيضا.
"معتز" كان ترتيبه الخامس بين أشقائه ورغم أنه صبي وتفرح الأسرة العربية بالذكور أكثر من الإناث إلا أنه عاني من الوصم بأنه "غلطة"، أحيانا تقال له بمزاح، وأحيانا أخرى بغضب وضيق، الأم التي لم تحظي بالتعليم الثانوي لم تدرك فداحة الخطر التي تُعرض ابنها له، حتى في أوقات السمر العائلية كانت تسمعه أنه لم يكن بالحسبان إنجابه، عندها يتبادل أشقائه الاستهزاء به، فما يكون منها إلا أن تُنعم عليه ببعض الكلمات لإرضائه ولكن بعد ماذا!
لقد أصبح هذا الفتي صعب المزاج، ولا يثق كثير بعائلته وعند أقل موقف يصرخ بوجوههم قائلا "يا ريت ما جيت على هذه الدنيا، أصلا أنتم ما كنتم بدكم إياني" ، ولا يترك معتز مجالا تعرض فيها لألم أو إزعاج إلا وأعرب عند رغبته في عدم الإتيان على هذه الدنيا، كما أنه يرجع سبب عقاب أبويه له لعدم رغبتهم في إنجابه من الأصل .
تقول أمه :"الصراحة أنني كنت أقول هذا اللفظ على سبيل المزاح أحيانا وأحيانا أخري استفزاز له إذا تصرف تصرف ما"، وتقر أم معتز أنها ومع مرور الوقت أيقنت حجم خطئها وكفت نهائيا عن ذكر ذلك أمام ابنها. وتقول: كلما تذكرت ذلك بدأت بالاستغفار واسأل الله لي المغفرة عن هذا الخطأ الذي لم أدركه، وتدعو جميع الأمهات والآباء أمثالهم أيضا للكف عن ذلك.